الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
وقفت على كلام للشيخ الرضواني هداه الله في كتاب له مُعنون بــــــ "كفاية الطالبين في بيان فرق المسلمين ومذاهب المعاصرين وملل المخالفين لسيد المرسلين " طعن في بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم طعنات فاجرة آثمة وأساء إليهم غاية الإساءة كيف لا وقد وصفهم بأوصاف مستهجة قبيحة نابية رماهم بالنفاق والغوغائية. واتهمهم بأشنع الاتهامات وهي أنهم من دعاة اليهودي اللعين عبد الله بن سبأ المجوسي.
واتهم جمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم شاركوا في قتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه.
فأحببت أن أعلق على ما اقترفت يداه من الطعن والافتراء لعلّ الله أن ينفع بها وعليه أن يتراجع -بل يجب عليه ذلك- والله الله أن يؤتى الإسلام من قبله وليحذر من دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال:"من سب أصحابي ، فعليه لعنة الله و الملائكة والناس أجمعين".
قال الرضواني هداد الله في "كفاية الطالبين "(ص : 102 ـ 103):" وكان عبد الله بن سبأ اليهودي يقول لحديثي السنّ وقليلي العلم والفقه .......
ومن دعاته _ يعني عبد الله بن سبأ_ الذين ساهموا في نشر دعوته رجل يسمى الغافقي بن حرب ، وعبد الرحمن بن عديس البلوي ، كنانة بن بشر ،وسودان بن حمران ،وعبد الله بن زيد بن ورقاء ،وعمرو بن الحمق الخزاعي وحرقوص بن زهير ، وحكيم بن جبلة ،وقتيرة السكوني ، وغيرهم الغوغاء والمنافقين.اهـ
وقال أصلحه الله كما في كتابه "كفاية الطالبين"(ص : 120 ـ 121) :ولكن رؤوس القتلة الذين عرفوا بعد ذلك بمدة وكانوا قد باشروا قتله هم جبلة بن الأيهم ،والأشتر مالك بن الحارث النخعي الكوفي ،والغافقي بن حرب العكي المصري ،وكنانة بن بشر التجيبي ،وسودان بن حمران السكوني ،وقيل هو عبد الله بن سبأ أو المسمى بالموت الأسود كان مدعيا لأسماء شتى ،وعبد الله بن زيد بن ورقاء الخزاعي
وكان معهم حكم بن جبلة العبدي ، وعبد الرحمن بن عديس البلوي التجيبي ،وعمرو بن حمق الخزاعي ،وعروة بن النباع الليثي ،وقتيرة السكوني ،وعمرو بن الأصم ،وزيد بن صوحان العبدي ،وزياد بن النضر الحارثي ،وحرقوص بن زهير السعدي ،وذريح بن عباد العبدي ،وبشر بن شريح ،والحطم بن ضبيعة القيسي ،وابن المحرش بن عبد عمرو الحنفي وغيرهم.اهـ
وقال في (ص : 123) :لما قتل الإمام المظلوم عثمان بن عفان رضي الله عنه بقيت المدينة خمسة أيام لا أمير لها يتولاها قتلة عثمان رضي الله عنه وهو الغافقي بن حرب المصري وحوله السبئيون والغوغاء الذين تشاركوا في قتل عثمان وقد كانت أهواء هؤلاء البغاة والطغاة والغوغاء مختلفة فيمن يجعلونه خليفة ....اهـ.
قلت : أحببت أن نقف بعض الوقفات مع بعض كلامه الذي جانب فيه الصواب:
أولا :
الصحابة رضي الله عنهم كلهم عدول وعدالة الصحابة هو مذهب أهل السنة والجماعة وذلك لما أثنى الله تعالى عليهم في كتابه العزيز ومابينه رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة المطهرة من فضائلهم وعلوّ منزلتهم ومكانتهم أيّما بيان ومن عقيدة أهل السنة عدم الخوض والإمساك عما حصل بينهم فيكفي في حقّهم قول الباري جل شأنه :(رضي الله عنهم ورضوا عنه).وقول النبي صلى الله عليه وسلم :"إذا ذكر أصحابي فأمسكوا".،ونحو ذلك من الأدلة التي لا تعدّ ولا تحصى.
ثانيا :
لم يثبت عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أنه شارك في قتل عثمان ـ رضي الله عنه ـ كما نص على ذلك غير واحد من أهل العلم المحققين المنقّحين سئل الحسن البصري ـ رحمه الله ـ أكان فيمن قتل عثمان رضي الله عنه أحد من المهاجرين والأنصار؟
قال: كانوا أعلاجًا من أهل مصر. انظر:"تاريخ خليفة بن خياط"( ص176).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : ولا أحد من السابقين الأولين دخل في قتل عثمان رضي الله عنه. انظر: (منهاج السنة 8/313).
وهذه النقولات وأمثالها تبرئ ساحة الصحابة من دم عثمان، رضي الله عنهم أجمعين.
ثالثا :
السبب الذي جعل الرضواني -والذي يحبّه في الله محمد حسان- ومن سلك مسلكهما يطعن في بعض الصحابة ويتهمهم أنهم شاركوا في قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه هي روايات مكذوبة وقصص واهية متهالكة لا تثبت وسأذكر بعضا منها مكتفيا بسبب ضعفها وذلك للإختصار :
منها الرواية التي ذكرها ابن سعد في "الطبقات" (3/74)من طريق الواقدي وهو كذّاب.
قال المغيرة بن محمد المهلبى : سمعت على ابن المدينى يقول : الهيثم بن عدى أوثق عندى من الواقدى ، و لا أرضاه فى الحديث و لا فى الأنساب و لا فى شىء ، و قال أبو داود : أخبرنى من سمع على ابن المدينى يقول : روى الواقدى ثلاثين ألف حديث غريب ، وقال: لا أكتب حديثه و لا أحدث عنه ; ما أشك أنه كان يفتعل الحديث ، و قال مسلم : متروك الحديث ، و قال ابن عدى : أحاديثه غير محفوظة و البلاء منه ، و قال ابن المدينى : عنده عشرون ألف حديث ـ يعنى ما لها أصل ، و قال فى موضع آخر : ليس هو بموضع للرواية ، و إبراهيم بن أبى يحيى كذاب ، و هو عندى أحسن حالا من الواقدى ، وقال الإمام النسائي في " الضعفاء والمتروكين " المعروفون بالكذب على رسول الله أربعة: الواقدي بالمدينة ومقاتل بخراسان ومحمد بن سعيد بالشام،و قال بندار : ما رأيت أكذب منه ،و قال إسحاق بن راهويه : هو عندى ممن يضع ،و حكى أبو العرب عن الشافعى قال : كان بالمدينة ( سبعة ) رجال يضعون الأسانيد . أحدهم الواقدى . و قال أبو زرعة الرازى ، و أبو بشر الدولابى ، و العقيلى : متروك الحديث ،و قال الذهبى فى " الميزان " : استقر الإجماع على وهن الواقدى . "تهذيب التهذيب" (9 / 366)
كما أن الراوي لهذه الحادثة هو عبدالرحمن بن عبدالعزيز وهو صدوق يخطئ
ويرويها عنه عبدالرحمن بن محمد وهو مجهول.
والرواية التي ذكرها الطبري في تاريخه (2/474).من طريق سيف بن عمر
التميمي وكان كذابا خبيثا اتهم بالزندقة.
قال ابن حجر مترجما له كما في "التهذيب": سيف بن عمر التميمي البرجمي ويقال السعدي ويقال الضبعي ويقال الأسدي الكوفي صاحب كتاب الردة والفتوح روى عن عبد الله بن عمر العمري وأبي الزبير وابن جريح وإسماعيل بن أبي خالد وبكر بن وائل بن داود وداود بن أبي هند وهشام بن عروة وموسى بن عقبة ويحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن إسحاق ومحمد بن السائب الكلبي وطلحة بن الأعلم وخلق وعنه النضر بن حماد العتكي ويعقوب بن إبراهيم بن سعد وعبد الرحمن بن محمد المحاربي ومحمد بن عيسى الطباع وجبارة بن المغلس وجماعة قال ابن معين ضعيف الحديث وقال مرة فليس خير منه وقال أبو حاتم متروك الحديث يشبه حديثه حديث الواقدي وقال أبو داود ليس بشيء وقال النسائي والدارقطني ضعيف وقال ابن عدي بعض أحاديثه مشهورة وعامتها منكرة لم يتابع عليها وقال ابن حبان يروي الموضوعات عن الاثبات قال وقالوا أنه كان يضع الحديث قلت بقية كلام ابن حبان اتهم بالزندقة وقال البرقاني عن الدارقطني متروك الحديث وقال الحاكم اتهم بالزندقة وهو في الرواية ساقط قرأت بخط الذهبي مات سيف زمن الرشيد.اهـ
والرواية التي ذكرها ابن شبة في "تاريخ المدينة" (4/ 1223)،من طريق عيسى بن يزيد بن بكر وكان كذابا يضع الحديث.
قال الذهبي كما في "الميزان":
عيسى بن يزيد بن بكر داب الليثى المدنى.
عن هشام بن عروة، وابن أبي ذئب، وصالح بن كيسان.
وعنه شبابة، ومحمد بن سلام الجمحى، وحوثرة ابن أشرس، وغيرهم.
وكان أخباريا علامة نسابة، لكن حديثه واه.
قال خلف الاحمر: كان يضع الحديث.
وقال البخاري وغيره: منكر الحديث.
وقيل: إنه كان ذا حظوة زائدة عند المهدى والهادي بحيث إنه أعطاه مرة ثلاثين ألف دينار.
وقال أبو حاتم: منكر الحديث.اهـ
رابعا :
لو سلمنا جدلا أنها صحيحة -وذلك بعيد جدا- ،فالأصل هو الكف والإمساك فيما شجر بين الصحابة وعدم الخوض في ذلك
وعقيدة أهل السنة والجماعة وما كان عليه السلف الصالح هو أن لا نذكرهم إلا بخير.
قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ: و من الحجة الواضحة البينة المعروفة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم كلهم أجمعين ، و الكف عن ذكر مساوئهم و الخلاف الذي شجر بينهم ، فمن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أو أحدا منهم أو تنقصه أو طعن عليهم أو عرض بعيبهم أو عاب أحدا منهم فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف لا يقبل الله منه صرفا و لا عدلا ، بل حبهم سنة ، و الدعاء لهم قربة ، و الاقتداء بهم وسيلة ، و الأخذ بآثارهم فضيلة ، و أصحاب رسول الله هم خير الناس ، لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم ، و لا يطعن على أحد منهم بعيب و لا نقص.
وقال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر، حتى أنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر بعدهم، ثم إذا كان قد صدر عن أحد منهم ذنب فيكون قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد الذي هم أحق الناس بشفاعته أو ابتلى ببلاء في الدنيا كفر به عنه . فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين: إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطأوا فلهم أجر والخطأ مغفور.
و ذكر ـ رحمه الله ـ في كتابه" الصارم المسلول" (ص 573) نقلا عن أحمد ـ رحمه الله ـ قوله : لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم , ولا يطعن على أحد منهم بعيب او نقص , فمن فعل ذلك أدب فإن تاب و إلا جلد فى الحبس حتى يموت أو يرجع.
خامسا :
إذا دعت الحاجة إلى ذكر ما شجر بينهم ، فلابد من التحقيق والتثبّت في الروايات المذكورة في ذلك -مع اعتقاد فضلهم وعلوّ مكانتهم وأنهم يدورون بين الأجر والأجرين وخطؤهم يغفره الوهّاب جل وعلا-، قال عز وجل : { يا أيها الذين امنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين } .
وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة فيما حصل بينهم ،إنما يرويها الكذابون الذين عرفوا بذلك مثل أبي مخنف لوط بن يحيى ، ومثل محمد الواقدي و عيسى بن يزيد بن بكرو سيف بن عمر التميمي و غيرهم.
قال ابن دقيق العيد رحمه الله: وما نقل عنهم فيما شجر بينهم واختلفوا فيه ، فمنه ما هو باطل وكذب ، فلا يلتفت إليه ، وما كان صحيحا أولناه تأويلا حسنا ، لأن الثناء عليهم من الله سابق ، وما ذكر من الكلام اللاحق محتمل للتأويل ، والمشكوك والموهوم لا يبطل الملحق المعلوم ".
سادسا :
سنبين دليل صحبة من طعن فيهم الرضواني هداه الله وأنهم صحابة أجلاء ومن طعن فيهم بعد البيان فهو ضال مضل ومن انتقصهم فهو خسيس ناقص ومن أبغضهم فهو من حزب إبليس ناكص بل هو شيطان من الشياطين.
1 ـ بيان صحبة الصحابي الجليل -الذي طعن فيه الرضواني- عمرو بن الحمق الخزاعي رضي الله عنه.
جاء في "تهذيب الكمال": عمرو بن الحمق بن الكاهن ويقال بن كاهل بن حبيب بن عمرو بن القين بن رزاح بن عمرو بن سعد بن كعب الخزاعي له صحبة سكن الكوفة ثم انتقل إلى مصر بايع النبي صلى الله عليه و سلم في حجة الوداع وصحبه بعد ذلك وشهد مع علي بن أبي طالب مشاهده وقتل بالحرة قتله عبد الرحمن بن أم الحكم وقيل بل قتله عبد الرحمن بن عثمان الثقفي عم عبد الرحمن بن أم الحكم سنة خمسين قبل الحرة وقال خليفة بن خياط قتل بالموصل سنة إحدى وخمسين قتله عبد الرحمن بن عثمان الثقفي وبعث برأسه إلى معاوية وقال غيره كان أحد من ألب على عثمان بن عفان وقال هنيدة بن خالد الخزاعي أول رأس أهدي في الإسلام رأس عمرو بن الحمق أهدي إلى معاوية وقيل إن حية لدغته فمات فقطعوا رأسه فأهدوه إلى معاوية روى عن النبي صلى الله عليه و سلم س ق روى عنه جبير بن نفير الحضرمي ورفاعة بن شداد الفتياني وعبد الله بن عامر المعافري والد عميرة بن عبد الله وعبد الله المزني وأبو منصور مولى الأنصار وأبو ناجية والد عميرة بن أبي ناجية إن كان محفوظا وميمونة جدة يوسف بن سليمان ذكره أبو الحسن بن سميع في الطبقة الأولى من أهل الشام وقال إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة حدثنا يوسف بن سليمان عن جدته ميمونة عن عمرو بن الحمق الخزاعي أنه سقى النبي صلى الله عليه و سلم لبنا فقال اللهم أمتعه بشبابه فمرت به ثمانون سنة لم ير شعرة بيضاء روى له النسائي وبن ماجة حديثا واحدا قد كتبناه في ترجمة رفاعة بن شداد.اهـ
2ـ بيان صحبة الصحابي الجليل -الذي طعن فيه الرضواني- عبد الرحمن بن عديس البلوي رضي الله عنه.
أخرج ابن أبى شيبة فى المصنف (33870) بسنده عن أبى ثور الفهمى قال : قدم علينا عبد الرحمن بن عديس البلوى وكان ممن بايع تحت الشجرة ....
وقال ابن ابي حاتم في "الجرح والتعديل":عبد الرحمن بن عديس البلوى له صحبة روى عنه أبو ثور الفهمي وأبو الحصين الحجري واسمه الهيثم بن شفى وتبيع الحجري روى عبد الرحمن بن شماسة عن رجل عنه نا عبد الرحمن سمعت أبى يقول بعض ذلك وبعضه من قِبَلِي.
وقال أبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة (4/1854) :" عبد الرحمن بن عديس البلوي كان ممن بايع تحت الشجرة، قتل زمن معاوية بجبل الخليل.اهـ
وذكره الحافظ ابن عبد البر فى "الاستيعاب"(ت 1489 ) ثم قال: أسلم مع أبيه قبل الفتح وشهد حنينا والطائف.اهـ
3 ـ بيان صحبة الصحابي الجليل -الذي طعن فيه الرضواني- عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعى رضي الله عنه.
قال الذهبى فى "السير" (3/ 23 ) : معمر عن الزهرى قال : كان دهاة الناس فى الفتنة خمس ، فمن قريش ، فمرو ، معاوية . ومن الانصار : قيس بن سعد . ومن ثقيف : المغيرة . ومن المهاجرين : عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعى . فكان مع على قيس وابن بديل واعتزل المغيرة بن شعبة .اهـ
وقال ابن الأثير كما فى "أسد الغابة" ترجمة (2834 ) قال : عبد الله بن بديل بن ورقاء بن عبد العزى الخزاعي تقدم نسبه عند ذكر أبيه
أسلم مع أبيه قبل الفتح وكان سيد خزاعة وقيل : بل هو من مسلمة الفتح . والأول أصح وشهد الفتح وحنينا والطائف وتبوك وكان له نخل كثير وقتل هو وأخوه عبد الرحمن بصفين مع علي وكان على الرجالة وهو من أفاضل أصحاب علي وأعيانهم . وهو الذي صالح أهل أصبهان مع عبد الله بن عامر في خلافة عثمان سنة تسع وعشرين
وقال ابن عبد البر في "الإستعاب": ديل بن ورقاء بن عبد العزى بن ربيعة الخزاعي من خزاعة أسلم هو وابنه عبد الله بن بديل وحكيم بن حزام يوم فتح مكة بمر الظهران في قول ابن شهاب.
وذكر ابن إسحاق أن قريشاً يوم فتح مكة لجئوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعي ودار مولاه رافع وشهد بديل وابنه عبد الله حنيناً والطائف وتبوك وكان بديل من كبار مسلمة الفتح.
وقد قيل إنه أسلم قبل الفتح وروت عنه حبيبة بنت شريق جدة عيسى بن مسعود بن الحكم الزرقي.
وروى عنه أيضاً ابنه سلمة بن بديل أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب له كتاباً.
وذكر البخاري رحمه الله عن سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي عن أبيه عن ابن إسحاق قال حدثني إبراهيم بن أبي عبلة عن ابن بديل بن ورقاء عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بديلاً أن يحبس السبايا والأموال بالجعرانة حتى يقدم عليه ففعل.اهـ
4 ـ بيان صحبة الصحابي الجليل -الذي طعن فيه الرضواني- حرقوص بن زهير رضي الله عنه.
قال ابن الأثير في كتاب "الأذواء": ذو الخويصرة رجل صحابي من بني تميم وهو الذي قال للنبي في قسم قسمه اعدل انتهى ولما ذكره السهيلي عقبه بقوله ويذكر عن الواقدي أنه حرقوص بن زهير الكعبي من سعد تميم وكان لحرقوص هذا مشاهد كثيرة مشهورة محمودة في حرب العراق مع الفرس أيام عمر رضي الله تعالى عنه ثم صار خارجيا قال وليس ذو الخويصرة هذا هو ذو الثدية الذي قتله علي رضي الله تعالى عنه بالنهروان ذاك اسمه نافع ذكره أبو داود وقيل المعروف أن ذا الثدية اسمه حرقوص وهو الذي حمل على علي رضي الله تعالى ليقتله فقتله علي رضي الله تعالى عنه. انظر:"عمدة القاري" (16/142)
قال ابن حجررحمه الله في "الإصابة في تمييز الصحابة" (2/411): ذو الخويصرة التميمي ذكره بن الأثير في الصحابة مستدركا على من قبله ولم يورد في ترجمته سوى ما أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم ذات يوم قسما فقال ذو الخويصرة رجل من بني تميم يا رسول الله [اعدل فقال ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل] الحديث
وأخرجه من طريق تفسير الثعلبي ثم من طريق تفسير عبد الرزاق كذلك ولكن قال فيه إذ جاءه ذو الخويصرة التميمي وهو حرقوص بن زهير فذكره قلت ووقع في موضع آخر في البخاري فقال عبد الله بن ذي الخويصرة وعندي في ذكره في الصحابة وقفة وقد تقدم في الحاء المهملة.
وقال أيضاً:
حرقوص بضم أوله وسكون الراء والقاف بعدها واو ساكنة ثم صاد مهملة بن زهير السعدي له ذكر في فتوح العراق.اهـ
قلت : الصحابي حرقوص بن زهير الذي طعن فيه الرضواني عدة طعنات من جملة أصحابه صلى الله عليه وسلم ولم يثبت دليل قاطع أنه ارتدّ وغيّر وبدّل وغير واحد من أهل العلم أثبت له الصحبة ،والأمور التي صدرت منه فالجواب عليها قد سبق ذكرها في اعتقاد أهل السنة والجماعة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فائدة : ذكر لي الشيخ الفاضل عبد المجيد جمعة حفظه الله أن قول عمر الفاروق للنبي صلى الله عليه وسلم في حرقوص رضي الله عنهما :"دعني أن أضرب عنق هذا المنافق" هو من قبيل قول عمر نفسه للنبي صلى الله عليه وسلم في حق حاطب بن ابي بلتعة "دعني أن أضرب عنق هذا المنافق" ولا يخفى على كل مسلم أنه صحابي جليل فرضي الله عنهم اجمعين .
5 ـ ذكر بعض أهل العلم أن زيدا بن صوحان رضي الله عنه -الذي طعن فيه الرضواني-من جملة أصحابه صلى الله عليه وسلم.وهو زيد بن صوحان بن حجر بن الحارث بن الهجرس بن صبرة بن حذرجان بن عساس بن ليث بن حداد بن ظالم بن ذهل بن عجل بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس الربعي العبدي : يكنى أبا سلمان وقيل : أبو سليمان وقيل : أبو عائشة وهو أخو صعصعة وسيحان ابني صوحان
أسلم في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم قال الكلبي في تسمية من شهد الجمل مع علي رضي الله عنه قال : وزيد بن صوحان العبدي وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه و سلم وصحبه
قال أبو عمر : كذا قال ولا اعلم له صحبة ولكنه ممن أدرك النبي صلى الله عليه و سلم بسنه مسلما وكان فاضلا دينا خيرا سيدا في قومه هو وأخوته
وكان معه راية عبد القيس يوم الجمل
وروي من وجوه أن النبي صلى الله عليه و سلم كان في مسيرة له إذ هوم فجعل يقول : " زيد وما زيد !
جندب وما جندب " !
فسئل عن ذلك " فقال رجلان من أمتي أما أحدهما فتسبقه يده إلى الجنة ثم يتبعها سائر جسده وأما الآخر فيضرب ضربة تفرق بين الحق والباطل " فكان زيد بن صوحان قطعت يده يوم جلولاء وقيل : بالقادسية في قتال الفرس وقيل هو يوم الجمل وأما جندب فهو الذي قتل الساحر عند الوليد بن عقبة وقد ذكرناه .اهـ
وجاء في "معرفة الصحابة"لأبي نعيم : زيد بن صوحان العبدي روى عنه شقيق أبو وائل، يكنى أبا عائشة، وقيل: أبا سلمان، قتل يوم الجمل مع علي، أصيبت يده يوم جلولاء، وسبقته إلى الجنة.اهـ
فائدة : قال لي أحد أهل العلم الصحابي المختلف في صحبته يسكت عما أخطأ فيه ولا يذكر إلا بالجميل .
اللهم اجعلنا ممن يحب صحابة رسولك صلى الله عليه وسلم، ويدافع عنهم، ويتبع منهجهم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.